البحث / الباحث / المشرف
تتوقف جودة أي بحث علمي بمدى التزام الباحث بشروط البحث؛ سواء التي تتعلق بطريقة إنجاز البحث أو تلك المتعلقة بطريقة التعامل مع المادة المعرفية وفق إطار منهجي، يبدأ بطرح الأسئلة الجادة وتنتهي ببلوغ الأهداف العلمية.
مفهوم البحث العلمي:
هو التقصي المنظم للمعارف للتأكد من صحتها أو نقدها. ومن خلال هذا التعريف الموجز، نستخلص عنصرين أساسيين يميزان البحث، وهما:
- التقصي: وهو الجهد الذي يبذله الباحث لبلوغ أهدافه المعرفية، وهو يتفرع إلى: جهد ذهني، وجهد نفسي، وجهد بدني.
- التنظيم: وهو وضع هذا الجهد ضمن إطار منهجي، منذ لحظة اختيار الموضوع إلى غاية مناقشته.
وبالنسبة للباحث المبتدئ، يُشترط عليه بالأساس احترام الإطار المنهجي العام للبحث، فهو غير مطالب، مثلا، ببحث يناقش الأفكار والنظريات ويجدد في الأطاريح والمقاربات.
خصائص البحث العلمي:
- يجب اعتبار البحث العلمي وسيلة وليس غاية في ذاته؛ إنه أداة لاكتشاف الحقائق أو لتوسيع مدارك الإنسان، والدفع بعجلة التفكير نحو آفاق جديدة.
- الحرص على الدقة في البحث، بدءا من حسن اختيار الموضوع وإشكاليته، والدقة في صياغة العنوان، واللغة الاصطلاحية الدقيقة التي تتجنب التعبيرات الفضفاضة والعامة، والدقة في ضبط عناصر البحث وخطته.
- توخي الموضوعية، والذي يعني تجنب الأهواء والعواطف والميولات الأيديولوجية. لكن في هذه النقطة بالذات، يمكن أن نفتح قوسا للنظر في حضور الذاتية في الدراسات الأدبية، ونتساءل: هل يتعارض ذلك مع مزاعم الموضوعية؟ خاصة وأنّ الباحث يتعامل مع عمل أدبي، ومع قضايا فنية ذات صلة بالذائقة وبالعواطف والأفكار، وهي عناصر يصعب ضبطها داخل القالب الموضوعي.
- يتميز البحث العلمي بنزعته نحو طرح الأسئلة، وإعادة النظر في المعارف السابقة، وعدم التسليم بالحقائق؛ لهذا يفترض على البحث أن ينطلق من نقد البحوث السابقة، حتى يبني لنفسه موقعا غير الذي قد بلغه باحثون سابقون، وإلا ما الفائدة من تكرار نفس ما قاله السابقون؟
أركان البحث العلمي:
- الشكل: يتعلق الأمر بالتنظيم الهيكلي للبحث: العنوان، الخطة، الأبواب، الفصول، المقدمة، الخاتمة، الفهرس، قائمة المصادر...إلخ.
- المنهجية: طريقة إنجاز البحث، وخطواته.
- الموضوع: المادة المعرفية.
الباحث:
يجب أن نفرق بين الطالب والباحث؛ فالطالب هو الذي يكتفي بالتحصيل المعرفي بغرض الحصول على علامات جيدة، أما الباحث فهو الذي لا يكتفي بالتحصيل المعرفي، بل يتعداه إلى الاجتهاد لأجل استقصاء المعرفة ذاتيا.
- على الباحث أن يحدد أهدافه البحثية بدقة ووضوح، ويعرف ما الذي يبحث عنه، وماذا يريد من هذا البحث. ويبدأ من اختيار الموضوع، وتحديد إشكاليته بشكل جيد.
- أن يمتلك الباحث روحا مبدعة، وهذا يفترض وعيا سليما بقيمة الحرية؛ فالحرية الجامعية لا تعني أن يفعل الطالب ما يشاء في الجامعة، فيتخلص من قواعد الاحترام، ويأتي إلى الجامعة بلباس غير لائق، وقد لاحظنا أن الكثير من الطلبة لم يعودوا يحملون محافظا، فيدخلون قاعات الدرس كأنهم جاءوا لأجل النزهة. في حين أنّ الحرية المقصودة هي الحرية في التفكير والإبداع التي تمكن الطالب من إبداع الأفكار ونقدها.
- حب الاطلاع وامتلاك ثقافة القراءة، لأنّ جوهر البحث هو القراءة بالأساس، وأهم مرحلة فيه هو جمع المصادر والمراجع وامتلاك النفس لقراءتها وتوظيف تلك القراءات في بحثه.
- التحلي بأخلاق البحث، وعلى رأسها احترام الوسط الجامعي، والأمانة العلمية في نقل المعلومات، وعدم سرقة جهود الآخرين.
المشرف:
هو الأستاذ الجامعي الذي يؤطر البحث، وتنص أنظمة الجامعة إلى تخصيص مشرف واحد على البحث. يجب أن يتمتع المشرف بسمعة طيبة في ميدان البحث والتأليف.